بازار "الشنطة" في الناصرة.. مشروع للتكافل وتبادل الكتب بين الطلاب

بادر "الحراك النصراوي الفلسطيني" الذي تأسس قبل شهور في مدينة الناصرة، إلى سلسلة من الفعاليات التي تهدف إلى تعزيز الانتماء الوطني والإنساني والعاطفي للمواطن النصراوي، عن طريق تفعيل فئات شعبية شبابية للنهوض بناصرة

بازار

من بازار "الشنطة" في الناصرة (عرب 48)

بادر "الحراك النصراوي الفلسطيني" الذي تأسس قبل شهور في مدينة الناصرة، إلى سلسلة من الفعاليات التي تهدف إلى تعزيز الانتماء الوطني والإنساني والعاطفي للمواطن النصراوي، عن طريق تفعيل فئات شعبية شبابية للنهوض بناصرة خالية من الآفات الناتجة عن منظومة الاستعمار، خارج قوالب الأحزاب.

وقام الحراك النصراوي الفلسطيني منذ أيام بتنظيم مشروع "الشنطة" الضخم الهادف إلى تخفيف الأعباء على أهالي الطلاب قبيل افتتاح العام الدراسي الجديد من خلال استبدال الكتب والحصول على حقيبة وقرطاسية أقل ثمنا بالمقارنة من أسعارها في المكتبات.


وبهذا الصدد، حاور "عرب 48" الناشطة هناء فريد ظاهر من المبادرات لتأسيس الحراك النصراوي الفلسطيني، بالإضافة إلى مجموعة من الشبان الوطنيين الغيورين على مدينتهم ووطنهم الذي لا وطن لهم سواه، من أجل النهوض والارتقاء بالمدينة ومكانتها السياسية والاجتماعية.

"عرب 48": هل نستطيع القول إن الحراك النصراوي الفلسطيني ولد من رحم الخيبة من أداء الأحزاب العربية؟

ظاهر: بالضبط تماما، ولد الحراك من رحم التعطش والجوع لفعاليات ثقافية وسياسية هادفة، وببساطة فإنه على مدار سنوات طويلة خيّبت الأحزاب آمال الجماهير في تنازلها عن الكثير من الثوابت، ونحن لم نجد أي مؤسسة أو حزب أو حركة تمثل انتمائنا الفلسطيني لأنفسنا وأرضنا ووطننا وشعبنا في كل فلسطين وخارجها، ولذلك جاء هذا الحراك نتيجة نقص أو فراغ معيّن اضطررنا لخلقه في الناصرة.

"عرب 48": هل تقتصر على مدينة الناصرة خاصة في ظل وجود بلدية مواقفها رمادية ومترددة إزاء العمل الوطني والشعبي؟

ظاهر: عملنا يتركز بالأساس في مدينة الناصرة، ولكن أحيانا نخرج ونساهم في فعاليات خارج المدينة، وكنا قد شاركنا في رسم جداريات بقرية كوكب أبو الهيجاء، وشاركنا في برنامج رسم جدارية في القدس بالإضافة إلى المشاركة في فعاليات بالشيخ جرّاح وسلوان، ولكن تركيز نشاط الحراك داخل مدينة الناصرة.

هناء ظاهر

"عرب 48": كيف تم تأسيس الحراك وهل يضم نشطاء حزبيين؟

ظاهر: في الواقع داخل الحراك لا يوجد أشخاص حزبيين ببساطة لأن المبادئ الموجودة داخل الحراك تتناقض مع المبادئ الموجودة في الأحزاب والتي في أساسها الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية ولهم فقط الحق في تقرير المصير، وإذا كان هنالك شخص حزبي فإنه يشعر بنوع من النفاق عندما يكون في مؤسستين تتناقضان في المبادئ. ونحن طبعا لا نعارض مشاركة نشطاء حزبيين في إنجاح فعالياتنا بل على العكس نرحّب بذلك، فضلا عن أن غالبية النشطاء في الحراك اليوم هم كانوا ينتمون إلى أحزاب سياسية في الماضي، لكنهم فقدوا الأمل والثقة بجدوى العمل الحزبي في صنع التغيير.

"عرب 48": متى تأسس الحراك وما هي المشتركات التي دفعتكم إلى تأسيسه؟

ظاهر: كانت المبادرة في شباط/ فبراير الماضي، بين مجموعة من الشبان والفتيات الذين تحاورنا فيما بيننا ووجدنا العديد من القواسم المشتركة التي نجتمع عليها، ووجدنا أن الرؤية الشاملة لنا هي واحدة، وهكذا بدأت تتسع حلقة الحراك ليضم عشرات الناشطين الفعالين في الحراك اليوم.

"عرب 48": هل هناك قيادة للحراك أم يعتمد على المبادرات والعمل المشترك؟

ظاهر: الجميل في الحراك النصراوي الفلسطيني هو أن عمله تشاركي خال من المسؤولين والقادة، وأي من النشطاء يقدم اقتراحا لمشروع أو مبادرة تتم مناقشته والتصويت عليه داخل الحراك، فإذا حظيت المبادرة بأغلبية نقوم بتبنيها وإذا كان غير ذلك نتخلى عنها. ونحن إذا قلنا إن الحراك يضم عشرات الناشطين الفعالين فهذا لا يعني أن فعاليات ونشاطات الحراك تقتصر عليهم بل أن المشاركة في نشاطات الحراك تعد بالمئات، ومشروع "الشنطة" في أسبوعه الأخير هو أكبر دليل على تفاعل أهالي المدينة مع نشاطات الحراك النصراوي.

"عرب 48": كيف هي العلاقة مع الأطر الشبابية الأخرى مثل نادي "بلدنا" وجمعية "بليبل" التي تبادر بشكل شبه أسبوعي إلى نشاطات وطنية هادفة؟

ظاهر: بالتأكيد نحن نجتمع على نفس المبدأ ولذلك يسعدنا المشاركة وإنجاح فعالياتهم ونشاطاتهم الهادفة، ففي النهاية البوصلة واحدة والأفكار واحدة ولا شك أننا نساند بعضنا البعض في العمل المشترك. وفي الواقع حراكنا هو حديث العهد لم تمض شهور على تأسيسه، لذلك لا أستطيع أن أقول إن هنالك تعاون مباشر بيننا وبين النوادي الشبابية، لكننا نلتقي على هدف واحد أكثر من أننا نتعاون على صعيد مؤسساتي.

"عرب 48": من أهداف الحراك تفعيل فئات شعبية شبابية للنهوض بناصرة تخلو من آفاتها الناتجة عن منظومة الاستعمار.. وأنت تعلمين كم هي كبيرة شريحة الشبان العرب الذين لا يشعرون بالانتماء الوطني، وكم هي ظاهرة العنف والجريمة منتشرة ولا شك أن لمنظومة الاستعمار جزء فيها، كيف يمكن استقطاب هذه الفئات الشبابية وتفعيلها للنهوض بالناصرة؟

ظاهر: في الحقيقة نحن لا نروّج للحراك ونجد الكثير من الشبان يرغبون بالتفاعل معنا كنشاط فريد من نوعه يقوم بفعاليات هادفة، وللأسف العمل الوطني والنضال الوطني زُج فيه بزاوية جعلته محجما ويقتصر المظاهرات ورفع الشعارات وهذا غير صحيح. فمشروع "الشنطة" اليوم هو عمل وطني وكل طالب يشارك في الفعالية يعود إلى بيته مع يوميات "شمس فلسطين" الذي يتضمن إلى جانب الفعاليات المسلية أيضا معلومات عن النكبة وعن مخيمات اللاجئين وعن أحداث مهمة في تاريخ الشعب الفلسطيني، فالخطأ الذي حدث هو فصل الحياة اليومية عن القضية القومية، وبالتالي ما هي القضية القومية سوى أننا نريد أن نعيش مثل أي حرّ في العالم، دون خوف على بيتي من الهدم أو من القصف، ودون أن يعتدى على فرد من عائلتي أثناء عمله في بلدة يهودية، ولا أنتظر فتح الحاجز ولا أتعرض للتفتيش على هذه الحواجز. فما يقوم به الحراك اليوم هو عمل جبار ولا نعرف قيمته إلا من خلال ردود الفعل المثيرة من قبل العائلات التي تشاركنا هذا النشاط.

وذكر منهل حايك من النشطاء والمؤسسين للحراك النصراوي الفلسطيني لـ"عرب 48" أن "نواة الحراك بدأت تتبلور منذ مطلع العام الجاري، وبدأنا بتنظيم أنفسنا كحراك فاعل في شباط/ فبراير، وقد وضعنا نصب أعيننا إعادة انتماء الإنسان النصراوي إلى بلده وهذا بالتالي ينعكس على انتماء هذا المواطن للكل الفلسطيني، وعملنا رويدا رويدا ولم ننطلق بشكل عفوي وسريع فقد وضعنا الخطوط العريضة لمشروعنا الوطني الهادف".

منهل حايك

وأشار إلى أن "الهدف من تأسيس الحراك النصراوي الفلسطيني هو أن الأحزاب والحركات العربية السياسية لا ترتقي إلى التعبير عن انتمائنا الفلسطيني وبطبيعة الحال لا يخرج الحراك من منظومة الأحزاب وإنما هو مكان آخر بل في مواجهة مع الحركات والأحزاب السياسية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم".

وعن مشروع "الشنطة" الذي يبدو أنه سيتجه إلى التمديد بأسبوع إضافي نظرا لتفاعل الجمهور الواسع معه، أضاف حايك أن "التفاعل مع المشروع بدالّة تصاعدية منذ أسبوعه الأول، وعلى ما يبدو أننا سنستمر لأسبوع إضافي لأن هنالك حاجة وطلب على بعض الكتب. أما بالنسبة للهدف من المشروع فهو وليد الحاجة لإعادة الربط ما بين الوطني والاجتماعي، بمعنى أنه لا يمكننا أن نكون وطنيين دون أن نعمل وننشط على المستوى الاجتماعي ببوصلة صحيحة. فمشروع ’الشنطة’ هو ليس مجرد تبديل كتب، وانما هو مشروع يدعو إلى التكاتف الاجتماعي على أن لا تلقى الكتب إلى سلال المهملات في الوقت الذي يمكن للغير أن يستفيد منها بصرف النظر عن المستوى الاقتصادي – الاجتماعي للعائلة فالهدف منه خلق الشعور بالانتماء إلى هذا البلد وليس فقط التقليل من المصاريف بقدر ما هو تكافل وتعاون ومساندة وهو ما نراه في عيون الناس الذين ينظرون بكثير من الأمل إلى هذا المشروع".

وعن نشاطات الحراك النصراوي الفلسطيني منذ تأسيسه في المدينة، قال حايك إن "مشروع ’الشنطة’ هو الأكبر والأبرز حتى الآن وقد سبقته نشاطات عديدة ومتنوعة خلال الهبة الشعبية في أيار/ مايو الأخير، بالإضافة إلى فعالية ’الحوارية’ التي دعيت إليها منى الكرد من حي الشيخ جرّاح ونشطاء من سلوان اللد ويافا وغيرها، وخاض الحراك أيضا معركة الجداريات ما بين محوها وطمس معالمها وإعادة رسمها مجددا".

وقال الناشط في الحراك النصراوي الفلسطيني، مروان أبو واصل، لـ"عرب 48" إن "عملية جمع الكتب استمرت على مدار 3 أسابيع وهي تخص الطلاب في مختلف المواضيع، إذ تمكنا من جمع أكثر من 3 آلاف كتاب إذ قمنا بإقامة المشروع في حديقة الروم الثقافية، وقد خصصنا أيضًا ضمن المشروع زاوية للروايات والقصص بالإضافة إلى زاوية للقرطاسية".

وحث أبو واصل الطلاب من الناصرة والمنطقة على المشاركة في المشروع والحصول على مستلزماتهم قبيل بدء العام الدراسي الجديد، كما المشاركة في الورشات التي ستستمر حتى نهاية الأسبوع المقبل".

التعليقات