هارتس": الأمريكيون سئموا لعب دور "البوليس الدولي"

صحيفة "هارتس" التي تناولت في تقرير نشرته، اليوم الأحد، عشية مناقشات الكونغرس وتصويته على منح تفويض للرئيس بتوجيه ضربة لسوريا، اشارت الى ان الرفض الجماهيري يدوي في اذان اعضاء الكونغرس ويسمع في التقارير الاعلامية وفي الاجتماعات الصاخبة وفي المحادثات الهاتفية الكثيرة والغاضبةالتي ترد الى مكاتب المشرعين.

هارتس


الصعوبات التي يواجهها الرئيس أوباما في الحصول على تأييد الكونغرس لعمل عسكري ضد سوريا، مردها أساسا أن الأمريكيين سئموا لعب دور "الشرطي الدولي" الموكل اليهم أو الذي أوكله لنفسهم الرئيس روزفلت عام 1904،. لو كان أوباما وجه ضربة عسكرية لسوريا غداة الكشف عن "المجزرة الكيماوية" التي وقعت في دمشق،  لكان الجمهور الامريكي قد سلم بالأمر ولكن طالما سأل فالجواب هو لا كبيرة.


صحيفة "هارتس" التي تناولت في تقرير نشرته، اليوم الأحد، عشية مناقشات الكونغرس وتصويته على منح تفويض للرئيس بتوجيه ضربة لسوريا، اشارت الى ان الرفض الجماهيري يدوي في اذان اعضاء الكونغرس ويسمع في التقارير الاعلامية وفي الاجتماعات الصاخبة وفي المحادثات الهاتفية الكثيرة والغاضبةالتي ترد الى مكاتب المشرعين.


صحيح ان غالبيتهم يرون ان الحديث يدورعن تصويت ضميري حول قضايا عليا تهم العالم، لكن الذين يحتاجون ثقة الجمهور والانتخاب مجددا في السنة القادمة ( وهم ثلث اعضاء الكونغرس)،كما تقول "هارتس"  يأخذون بالحسبان ان موسم "البرايمرز" التي سيقرر فيها الناخبون مصيرهم سيبدأ بعد بضعة اشهر.


"هارتس" ترى أن الكثير ممن يقعون في يسار الخارطة السياسية الامريكية لم يتخلصوا بعد من صدمة حرب بوش في العراق، في حين لم يسلم الكثير من يقعون على يمينها بواقع انتخاب اوباما كرئيس للولايات المتحدة وكقائد اعلى للجيش. الجمهوريون غير معنيين بتخليص اوباما من المأزق الذي انزلق اليه وبين الديمقراطيين هناك القليل ممن هم مستعدون للمحاربة من اجله، خاصة وان البيت الأبيض يعود ويكرر ان الرئيس من شأنه ان يتحرك منفردا دون مباركة الكونغرس، ما يجعلهم يقولون لانفسهم لماذا نغضب الناخبين؟   

 
استطلاعات الرأي تشير الى أن غالبة الامريكيين يشعرون انهم كانوا في هذا الفيلم الذي ينتهي بالسوء دائما، فهم يدفعون بحياة الالاف ويعرضون سلامة عشرات وربما مئات الالاف للخطر ويرهنون اقتصادهم ورفاهية اولادهم لأجيال واجيال وفي النهاية لا يحصدون سوى كراهية العالم لهم. لقد تعلموا عدم الوثوق بالمعلومات الاستخبارية وعدم تصديق الحديث عن عمليات عسكرية جراحية وعدم الإركان الى الوزراء والجنرالات الذين يطلقون الوعودات، على غرار مقولة حاييم بار ليف في حينه، "سوف نضربهم بسرعة وقوة وبشكل اليجانتي"، كما تقتبس "هارتس".


الأمريكيون يرون التردد الأوروبي ورخاوة دعم العالم العربي وخروج اوباما ب"سن وعين" من قمة العشرين، والاعلام الامريكي يشبع خيالهم الجامح بسيناريوهات مخيفة عن عمليات رد وعقاب من المحببة لديهم والتي تبدأ ب "صدام بين دول عظمى" ولا تنتهي بعمليات ارهابية فظيعة الى جانب  حرب الكترونية من شأنها تفكيك امريكا. 


كل ذلك كما يقول الكثير من الامريكيين، وفق "هارتس"، لأجل التدخل في صراع بين دكتاتوريين متوحشين ومتمردين ليس أقل منهم وحشية تجمعهم كراهية الغرب وامريكا وكونم عرب مسلمون، لا يتمتعون بأدنى شعبية في امريكا، الكثير يفضلون التوجه الاسرائيلي السائد، كقول ماركوتسيو في مسرحية "روميو وجولييت"، ان تحل اللعنة على الطرفين.  


محاولة الادارة الامريكية الربط بين الوضع في سوريا وأمن اسرائيل لم تشكل أيضا عامل اقناع، أو ربما اقنعت ولم تغير شيئا، وال"ايباك" بدأت بحملة مفادها ان هزيمة اوباما ستضر بها وباسرائيل.


في الماضي ايضا مرت فترات اعتقدت فيها امريكا انها يجب ان تهتم بنفسها فقط، مثلما كان الحال بين الحربين العالميتين، الا ان التاريخ اثر ان يضع امامها مجموعة تحديات وجودية اجبرتها على تغيير هذا التوجه، هي، النازية الالمانية والشيوعية السوفييتية والامبريالية اليابانية والارهاب الاسلامي ، على حد قول "هارتس". والجميع يعتقد ان سوريا لا تدخل في هذا الدوري وحتى اوباما نفسه قال في نهاية الاسبوع، ان السلاح الكيماوي في سوريا لا يشكل تهديدا مباشرا وانيا على الولايات المتحدة، الأمر الذي يعفي الرئيس من التوجه للكونغرس.


والحال كذلك، والقول ل "هارتس" لا غرابة في انه يستصعب اقناع امريكا بارتداء بزة الحرب والخروج لجولة خطرة جديدة في "حي الفقر العالمي" الذي يعاني من "اعمال الظلم الأبدية"، كما وصفه روزفلت، في الشرق الأوسط.


يوم الثلاثاء سيبذل اوباما جهدا اضافيا وربما اخيرا على هذا الصعيد.
 

التعليقات