24/01/2018 - 16:00

الوالدية مَهَمَّة من المهد إلى اللحد

لماذا موضوع الوالدية الآن، يرى الأهل أنفسهم عاجزين عن السيطرة على أولادهم في معظم الأحيان وتنقصهم الآليات لطرق التعامل الصحيحة مع الأولاد والتي تلائم روح العصر

الوالدية مَهَمَّة من المهد إلى اللحد

الوالدية هي احدى المسؤوليات الحيوية والمركزية والممتعة، يتمنى الوصول اليها كل زوج باختيارهما الشخصي ويطمحان اليها كمرحله مهمه تتوج ارتباطهما ، والوالدية بمعناها الحرفي إنشاء الشيء من الشيء، لذلك فالوالدية هي مهمة ليست ببسيطة وسهلة إذ يتم من خلالها تنشئة وإعداد الإنسان للخروج إلى المجتمع، فطموح كل أهل تربية أولاد أصحاء جسميا ونفسيا ناجحين في حياتهم يحملون الأدوات الكافية والسليمة التي تساعدهم للعيش في الحياة كأفراد صالحين.

معظم نظريات علم النفس والتربية تؤكد أن السنوات الاولى من حياة الإنسان هي الأهم والمقررة لبناء شخصيته ، فالأساس المتين يضمن للفرد انطلاقة قوية نحو مستقبل يستطيع فيه الفرد مجابهة الصعاب المختلفة والعكس صحيح، لذلك فالوالدية هي ليست قول بل مسؤولية لا تنتهي في كل مراحل الحياة وخاصة الطفولة والمراهقة وتحتاج للكثير من المعرفة والإدراك والوعي معا، وعليه فإن إكساب الأهل أدوات وخبرات وطرق سليمة للقيام بوالدية ناضجة يصبح أمرا مهما للأولاد والأهل وبالتالي للمجتمع الواسع على حد سواء.

 السؤال الأول:

لماذا نطرح موضوع الوالدية اليوم؟

تغير شكل العائلة الهرمي، في الماضي وقف الأب في رأس الهرم، هو معيل العائلة ومصدرها الاقتصادي الوحيد ، وهو المقرر في كافة شؤون العائلة والأمور التي تتعلق بالأولاد أيضا، الأولاد وقفوا في قاعدة الهرم وتلقوا الأوامر من أعلى الهرم (الأب) ، والأم عنصر مساعد لتنفيذ الأمور العائلية وخاضعة لزوجها في كل شيء ، فمركزية الأب جعلت القوانين في داخل الاسرة واضحة وغير قابلة للنقاش، هذا المبنى تغير مع خروج المرأة للعمل واستقلالها الاقتصادي مكنها من أخذ دور أفضل، ومشاركتها باتت فعالة في اتخاذ القرار والتأثير تربويا على أولادها، من هنا فتحت الحدود أكثر وفتح باب الحوار في داخل البيت مع الاولاد أيضا، هذا الأمر أدى لضرورة إدراك ومعرفة لدى الأهل في كيفية حل النزاعات والاختلاف داخل البيت .

انشغال الأهل خارج البيت لساعات طويلة للحصول على مصادر رزق ، وفي خضم الضغوطات اليومية الملقاة على عاتقهم داخل وخارج البيت، فمطلوب منهم التميز والمنافسة في سوق العمل في شتى المجالات ، وهذا يحتم عليهم اتباع اساليب حياة مبنية على التفاهم والتفهم والثقة المتبادلة والتعاون والاحترام والمحبة في داخل العائلة، يأخذ كل دوره بشكل واضح وفعال ومسؤول كل حسب قدراته وجيله.

نعيش في مجتمع ديمقراطي منفتح إلى العالم الواسع الكبير من خلال الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي والفضائيات التي تتطور يوميا بشكل هائل، فأمام هذا المد الكبير من التطور التكنولوجي يرى الأهل أنفسهم عاجزين عن السيطرة في معظم الأحيان وتنقصهم الآليات لطرق التعامل مع الأولاد والتي تلائم روح العصر ، وفي نفس الوقت المحافظة على الاحترام والثقة المتبادلين ، دون اللجوء للعنف واستعمال القوة والمحافظة على التوازن داخل البيت وخارجه وخلق جو عائلي داعم وموجه.

السؤال الثاني:

كيف يكتسب الأهل خبرتهم في موضوع الوالدية؟

معظم الأزواج يصبحون أهلا بشكل طبيعي وفطري ، ينقلون تجاربهم الشخصية كل من عائلته التي نشأ فيها ، يحملون عاداتها وقيمها ايجابية كانت ام سلبية ، ينسخون ما كان دون فحص حقيقي ومدروس لحاجات وطبيعة الاولاد المختلفة عنهم وتراهم يعارضون تصرفات أولادهم المغايرة لهم، او يتعاملون بشكل مناقض لما جلبوه من بيوتهم خاصة إذا عانوا في الماضي من تصرفات اهلهم معهم.

يلجأ كثيرون لجمع معلومات تربوية ونفسية عديدة من مصادر مختلفة ، هنا تنبع مشكلة أخرى في كيفية تطبيق النظريات على أرض الواقع بشكل صحيح وليس العكس، مثلا كل الأهل يميلون اليوم لاستعمال طرق ديمقراطية للتعامل مع أولادهم وذلك بإعطائهم حرية التصرف واتخاذ القرار ، فاعطاء الخيار المطلق في جيل معين يجب ان ترافقه الحدود ، الخيار بين مجموعات واضحة .

الوالدية غدت معقدة وصعبة تحتاج الى مهنية واتقان بل باتت مهنة ممكن تعلمها، وإحدى الصعوبات تكمن في عدم وجود نظريات واضحة ، فتلك عائلة ظروفها تختلف عن عائلة أخرى، ولكل بلد عاداته وتقاليده وقيمه وخاصيته ، فالحل الملائم لعائلة لا يلائم الاخرى ، ويبقى السؤال مفتوحا لكيفية اتقان ذلك ، احدى الطرق المهمة والمطروحة اليوم التعلم من خلال مجموعات أهل تجمعهم اشكاليات مشتركة وعقبات مشتركة ،وذلك بالمشاركة الفعالة ونقاش مضامين مشتركة بإرشاد مهنيين لذلك ، في معظم الأحوال يكون الحل بسيطا جدا ، وذلك بتغيير طريقة التفكير لدى الأهل ورؤية الأشياء مختلفة.

سوسن غطاس

 

موجهة مجموعات أهل، تخصص موضوع الوالديّة.

التعليقات