14/07/2020 - 19:07

مخاوف وقلق الأطفال والحصانة النفسية

للأهل بالذات نقول، الوضع اليوم مع جائحة الكورونا هو غير عادي، نحن كلنا نتصرف بشكل غير طبيعي، يجب أن نأخذ نفسا طويلا، نتساءل عن الوضع المؤقت، الإنسان السوي يجد مخارجَ للتأقلم في كل حالة

مخاوف وقلق الأطفال والحصانة النفسية

إن موضوع الخوف والقلق عند الإنسان له أسباب ومسببات عديدة، قد يبدو الخوف موضوعا عابرا نقوله أحيانا بدون أن ندرك أبعاده وتأثيره العميق على كل مسارات حياتنا التي تبدأ من الطفولة المبكرة وتمتد إلى سنوات الحياة ومراحلها. توجد عدة وجهات نظر بين العلماء الذين يدرسون عن موضوع الخوف، حول ما إذا الخوف مكتسبا لأسباب معينة، أم هو موجود في التركيب الدماغي للأفراد. ولكن مما لا شك فيه أن الخوف الزائد يؤثر سلبا على الصحة النفسية والعاطفية والجسدية وأيضا على الذاكرة عند الإنسان، وفي نفس الوقت وجوده بمقدار معين يحمينا من مخاطر جمة نبتعد عنها ونتدارك حدوثها نتيجة خوفنا منها. مع موضوع الخوف هناك الحصانة النفسية التي يكتسبها الإنسان لاستيعاب الخوف والسيطرة عليه. عن دور الأهل والتربية والبيئة الآمنة في البيت والبيئة وتأثيرها في علاج الخوف وعدم تفاقمه، التقينا بالدكتور عامر جرايسي معالج نفسي وموجه ومرشد للأهل حدثنا عن الموضوع في ظل أزمات الكورونا والعنف وما يسببه من تزايد الخوف بين الناس.

 

لكي يشعر الإنسان بالأمان  هو بحاجة:

 - لاستقرار

- الشعور بالسيطرة ووجود الحلول والإجابة على الأسئلة في كل المتغيرات التي يواجها.

 - معلومات كافية حول المتغيرات كي يتأقلم ويكيف نفسه لها.

 ففي حالة فيروس الكورونا لا توجد معلومات كافية حوله، طبيا وأيضا من ناحية حلول عملية للحكومات والدول لأخذ القرارات السليمة.

ولكن:

يجب أن نضع هذه المشكلة بالحجم الطبيعي لها، فبحكم عملي أنا أتجول كثيرا وأرى وألمس تصرفات الناس في حالة الخوف.

المراهقين:

- بالنسبة للمراهقين مثلا، فالأمر لا يشكل هاجسا كبيرا لديهم، يجدون البدائل دائما للتأقلم والنشاطات التي يستمتعون بها. 

الأهل:

ردود فعلهم تخنلف من شخص لآخر، منهم اللامبالين لا يتحدثون بشكل قلق عن الموضوع ولا يتبعون تفاصيل الأخبار، يوجد أهل قلقين بما يخص وضعهم الطبي من ناحية العدوى، وأيضا وضعهم الاقتصادي، وهؤلاء حتى من قبل جائحة الكورونا هم قلقون ولديهم مخاوف، وتزيد حدته لديهم في الأزمات ويصبح الأمر أصعب. .

تقسم المخاوف:       

الدكتور عامر جرايسي

       

 - مخاوف طبيعية وموضوعية مثل العدوى والوضع الاقتصادي.

- مخاوف غير واقعية، هي أفكار وتصورات نتيجة الأزمة، يشعرون بعدم الأمان والخوف مع أن أمورهم ليست بحجم ما يفكرون به.

الأطفال:

- الأطفال بشكل  عام  يستمدون شعورهم بالأمان من الأهل، فهم يتأثرون بما يبث لهم الأهل، فإذا بث لهم الأهل الشعور بالأمان فهم كذلك أيضا، هم موجودون في البيت يلعبون ويستمتعون مع الأهل، وهم في وضع مراقبة مستمرة لتصرفات الأهل وشعورهم.

 - يوجد أولاد لديهم مخاوف.

كيفية تعامل الأهل مع هذه المخاوف:

- الحديث مع الأولاد عن شعورهم وأفكارهم والإصغاء لهم وسماعهم.

- نعطي شرعية لهذا الخوف ونسمعهم للنهاية بدون ضغط ، إلا بتفهم وهدوء وروية،

 - الأولاد يصغون لمضمون الحديث عند الأهل لكن والأهم أنهم يهتمون أكثر لكيفية الحديث وردة فعل الأهل، فالهدوء يعطيهم الشعور بأن الوضع متغير وطارئ وغير باقٍ ويعطيهم الشعور بالأمان.

- بعد الإصغاء حديثنا معهم عن رأيهم في كيفية التعامل مع الموضوع كي نساعد على تخطي الخوف.

عندما يسمع الأهل ويتحدثون لأولادهم  فلا بد للولد القابع في مشاعر الخوف، أن يجد مخرجا لخوفه. 

ما هو الخوف:

هو شعور عند الإنسان نتيجة أن لديه فكره بوجود تهديد له ولوجوده، والخوف هو إشارة إلى أن الإنسان في خطر معين، وله دور في حياة الإنسان لكي يحميه وليبقى على قيد الحياة.

أسباب الخوف:

 - مخاوف نتيجة صدمة معينة، حادث طرق، دخول المستشفى، موت وغيرها، بمعنى أخر تجربة صادمة نتيجتها الإنسان يشعر بخطورة وأن العالم غير آمن.

- مخاوف تطورية وتقسم لمراحل:

- مخاوف في الطفولة المبكرة، في أول نصف سنة من عمر الطفل الخوف من عدم البقاء بالمستوى  الشعوري لديه، مثلا إذا جاع فهو يخاف أن لا يبقى.

- الطفل من جيل 6 أشهر لغاية سنة، يدرك بوجوده ككيان قائم، يفكر أنه يوجد الآخر وأنا، ويبدأ  بالخوف من الآخر بأن يؤذيه لذلك نجدهم يخافون من الغرباء.

 - في جيل السنتين نجده يتعلق بأهله كثيرا وخاصة الأم ويبدأ خوفه من الفراق.

والخوف عند الأولاد إذا عولج بشكل سليم وفي جو أسري وبيئة داعمة ممكن التغلب عليه والعكس صحيح.  

الحصانة عند الإنسان

يولد الإنسان مع مقدار معين من الحصانة النفسية، ففي الأجواء الأسرية السليمة والداعمة ينتج مقدار من الحصانة، وتكون  هذه الحصانة منقوصة في جو عائلي مهدد وغير آمن، الحصانة النفسية هي تحصيل وسيرورة عمل مدى حياتنا، هذه الحصانة متغيرة، ولكي نحافظ عليها يجب اتباع خطوات يومية لتمر في صيانة مستمرة.

هنالك 6 مسارات للحصانة النفسية يجب اتباعها:

1- المسار الجسدي: الاعتناء بالجسد وممارسة الرياضة والنوم الصحيح والتغذية السليمة، لكي يقوى الجسم والهيكل، فالجسد الضعيف يضعف الإنسان ويشككه في قدرته وقوته.

2- المسار العاطفي: وهو أن يعبرعن العواطف ويعرفها وبالتالي احترام لهذه المشاعر والعواطف وأن تلقى الإصغاء والقبول.

3-  المسار العقلي: أن تكون للإنسان خطوات عملية وعمل مع أهداف وخطة عمل، وأن لديه ما يعمل، وهنالك سيطرة عليه.

4- المسار الاجتماعي: أن تكون لدى الفرد حياة اجتماعية، مثل زملاء، عائلة، أصدقاء تربطنا بهم علاقة طيبه، يكفي أن يجد إنسان يحبه ويشعر بالأمان معه، فالإنسان الوحيد والمنعزل يكون أصعب عليه في الحياة.

5- مسار المعتقدات والإيمان: هنالك معتقدات دينية أو روحانية  يلجأ لها، تساعده أن يركن على نفسه من خلال هذه المعتقدات.

6- مسار الخيال: الخيال هو ملجأ للإنسان في الواقع الضاغط والصعب، ففي الخيال نجد الطريق للمخرج، ولكن الخيال يجب أن يكون واقعيا، لكي لا يأخذنا لأماكن غير مرجوة، في مجتمعنا العربي للأسف مفهوم الخيال هو شيء سلبي، وهذا غير صحيح لأنه مصدر للإلهام والمخارج من الوضع الراهن الصعب.

كلمات أخيرة في ظروفنا العاصفة

للأهل بالذات، الوضع الموجودين به اليوم في جائحة الكورونا هو غير طبيعي، نحن كلنا نتصرف بشكل غير طبيعي، يجب أن نأخذ نفسا طويلا، نتساءل عن الوضع المؤقت، الإنسان السوي يجد مخارجَ للتأقلم في كل حالة، قبول مشاعر أولادنا ومساعدتهم للتعبير عنها، لا نكون هجوميين عليهم، عالمهم الهائج غير منظم، نتمسك بالثوابت، لا نقف عن التعليم والعمل وترتيب الوقت، التركيز على أننا سنخرج من ذلك.

حين تكون الأزمات أكبر من قدرة الأولاد على استيعابها:

 هل ينطبق ما ذكرناه على حالات القتل والعنف في العائلة، حين تكون الأحداث أكبر من حجم كمية استيعابنا، هي حالات قليلة ولكن موجودة،  وهي مأساة بشرية مستمرة مدى الحياة، فحتى لو تلقينا العلاج يبقى جرح الأزمة مفتوحا، ويتطلب ذلك علاجا طويلا، والأهم بيئة داعمة محبة بدون شروط.، للأسف هي موجودة وصعبة جدا.

أجرت اللقاء: سوسن غطاس_ موقع والدية برعاية عرب 48  

التعليقات