25/09/2022 - 17:19

التجمُّع في مواجهة التضليل...

فلماذا يريدون تحويل التجمّع إلى رافض لفتحة أمل وهمية، فمن يخدم هذا التوجّه؟ لماذا يريدونه وكيلا للعنصرية ووكيلا ضد حقوق شعبنا؟      

التجمُّع في مواجهة التضليل...

يحاول منافسو حزب التجمع الوطني الديمقراطي، أن يُظهروه رافضًا لكل شيء، ويصوِّرون للجمهور أن التجمّع الوطني سيدخل الكنيست فقط كي يقول: "لا"، وهذا ينطلي على بعض الذين يتساءلون وبحق: "لماذا تدخل الكنيست ما دمت ضد اللعبة البرلمانية؟!"، لماذا لا تترك فسحة أو مساحة للمناورة، مثل بيضة قبّان، أو غيرها من تلك المصطلحات التي توحي بأن هناك معادلة ذات فوارق جوهرية بين معسكرين لا ينقص تدخّل سوى بيضة القبان لتحسم الأمور.

يتجاهل هؤلاء الأخوة أنَّ هناك أمورًا تحظى بإجماع قومي من حزب لبيد وغانتس إلى بيبي نتنياهو، وما بينهم، يمارسها ويتمسّك الجميع بها، وهي مطروحة في برامجهم السياسية للجمهور، ولا يستطيعون التنصّل منها حتى لو أرادوا.

وهي أن القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل الأبدية، وهذا يعني القدس ومحيطها، وحرّية التدخل الأمني في كل مكان وزمان، ولا تطبيق لقرارات الشرعية الدولية، فلا انسحاب من المناطق المحتلة عام 1967، لا في الضفة الغربية ولا في هضبة الجولان، والغوْر كلّه إسرائيلي، والإبقاء على الكتل الاستيطانية، ومواصلة حصار قطاع غزة مع تحسين في الوضع الاقتصادي لمنع الانفجار، وعمليًا منع نشوء دولة فلسطينية!

عدم الاعتراف بالعرب في إسرائيل كأقلية قومية، في هذا الجانب يمتاز حزب لبيد وليبرمان عن نتنياهو بأنّه مع المساواة بالحقوق المدنية لمن يتحمّلون العبء، أي مع من يقومون بالخدمة العسكرية فقط، هذا يعني إبقاء الجماهير العربية خارج المساواة حتى المدنية، وليس القومية فقط، فعلامَ هذه الضجة المفتعَلة لتبرير اتجاهات الانبطاح أمام لبيد وغانتس بغير شروط، أو بشروط وهمية فضفاضة جدا ومضلِّلة لفئة من الجمهور؟

الواقع أنَّه لا يوجد أي خلاف جوهري في السّياسة العامة، ولكنه تعامُل أكثر ذكاءً لكسب الساحة والتعاطف الدولي وتحسين العلاقات مع دول العالم، واستغلال "اتفاقات أبراهام" مع بعض دول المنطقة، لتحويلها فقط ضد إيران، بدون تقديم أي تنازل حقيقي للفلسطينيين.

فهم يرفضون التعامل مع رئيس السلطة الفلسطينية وينتظرون قيادة أكثر مرونة! هذا موجود في برنامج "ييش عتيد" السياسي، بالإمكان الاطلاع عليه لمن يريد في موقع الحزب.

في الوقت ذاته يضغطون على محمود عباس لقمع أبناء شعبه وتحويله إلى وكيل للاحتلال، وعمليا يدعون إلى حرب أهلية فلسطينية في الضفة الغربية، وحينئذ تكون ورقتهم الرافضة قوية، بحجة عدم وجود شريك.

كما سبق، وذكر الزميل نضال وتد في مقاله الأخير في موقع "عرب 48"، حاول لبيد في خطابه في هيئة الأمم المتحدة تلطيف صورة الاحتلال دوليا، من خلال إعلانه قبول حل الدولتين، وهو مصطلح فضفاض جدا، تبناه نتنياهو من قبل، بينما أعلن شامير في حينه أنّه سيفاوض بلا نهاية.

وهو في الواقع ما يريده لبيد؛ تنازلات بلا نهاية من الطرف الفلسطيني بدون أي مقابل! فلماذا يريدون تحويل التجمّع إلى رافض لفتحة أمل وهمية، فمن يخدم هذا التوجّه؟ لماذا يريدونه وكيلا للعنصرية ووكيلا ضد حقوق شعبنا؟

الحقيقة التي يعرفها الجميع أن لليمين أكثرية قد تصل إلى ثمانين عضوًا في الكنيست لولا الخلاف على شخص نتنياهو، فلا مشكلة لدى حزب ليبرمان وحزب "تكفاه حدشاه"، إلا مع نتنياهو، وليس مع سياسة الليكود نفسها!

حزب التجمع ليس ضد الحقوق المدنية والميزانيات، فقد بادر إلى قوانين كثيرة لصالح الجمهور العربي في فترة وجوده في الكنيست كقائمة مستقلة، وكذلك من خلال المشتركة، وكل اقتراح قانون أو موقف فيه مصلحة للجمهور العربي جاء من أي طرف عربي أو غير عربي، أيّده التّجمع، وتميّز دائما بمهنية مع أرقام وحقائق مدروسة، وليس مجرّد هتافات ضد العنصرية على منصة الكنيست، بل علّم غيره كيف يكون العمل البرلماني، وصار الآخرون يقلدونه في مطلب دولة كل المواطنين.

ليس صدفة أن سامي أبو شحادة يتمتّع بشعبية واسعة لدى مشاهدي المقابلات المتلفزة، فبينما يعتمد البعض على الفذلكات الكلامية وحتى الألفاظ السوقية، يتمسّك أبو شحادة بأعصاب باردة، وبهدوء يلقّن المحاورين وضيوفهم من العنصريين دروسًا في أدب الحوار، ويحرجهم بمعرفة القوانين الإسرائيلية والدولية، وهذا يؤدي إلى تهرّبهم وصراخهم نتيجة حججه القوية، وهو عمليا يمثل صوت جماهيرنا بإخلاص كشعب مضطهد أمام حكومات عنصرية.

التجمع الوطني ليس عقبة أمام السّلام بين شعبي هذه البلاد، فطلب المساواة التامة ليس جريمة إلا عند أصحاب الشعور بالنّقص أمام الخواجات. العقبة هي عند أولئك الذين يرفضون الفلسطينيين كشركاء، ولا يقبلون منهم سوى المزيد من الخنوع والقيام بدور المرتزقة وتقبّل العنصرية كأمر طبيعي يجب التعايش معه، فعلامَ هذا التضليل وكأنّ المرشّح لرئاسة الحكومة تشارل ديغول الذي انسحب من الجزائر، فلم يبق عقبة أمام السلام والحقوق سوى توصية التجمّع عليه.

التعليقات