25/09/2022 - 21:44

انطلاقة قويّة للتجمّع... التفاف شعبيّ مطالِب بترسيخ الخطاب الوطنيّ "بدون مساومة أو تنازلات"

التفاف شعبي وزخم جماهيري، يضع التجمع أمام الكثير من التحديات، ولعلّ أبرزها هو ترسيخ قواعد الحركة الوطنيّة.

انطلاقة قويّة للتجمّع... التفاف شعبيّ مطالِب بترسيخ الخطاب الوطنيّ

جانب من المهرجان الشعبيّ في باقة، والذي أطلق خلاله التجمع حملته الانتخابيّة ("عرب 48")

أعادت المشاركة الواسعة التي شهدها المهرجان الشعبي الحاشد، الذي أقيم في مدينة باقة الغربية، السبت، والذي أطلق خلاله حزب التجمع الوطني الديمقراطي، حملته الانتخابية، استعدادا لخوض انتخابات الكنيست المقررة في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ولا سيّما بعد تفكُّك المشتركة؛ الزخم للخطاب السياسيّ الوطنيّ، ونجح باستنهاض ناشطي الحزب، وأنصار الحركة الوطنيّة، الذين شكّلوا التفافا جماهيريًّا وحاضنة شعبيّة.

وقرّر التجمع الوطني خوض انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين، بقائمة حزبيّة مستقلّة، وذلك بعد أن قدمت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير، قائمة ثنائية لخوض الانتخابات في الخامس عشر من الشهر الجاري، بعدما تنصلا من اتفاق ثلاثي موقَّع مسبقا مع التجمّع.

جانب من المهرجان الشعبيّ في باقة، والذي أطلق خلاله التجمع حملته الانتخابيّة ("عرب 48")

ووجد التجمع نفسه وعلى ضوء الالتفاف الشعبي والزخم الجماهيري، اللذين تعزّزا عقب محاولات التفرّد به وإقصائه من المشهد السياسي والحزبيّ من قِبل شركاء الأمس في المشتركة، أمام الكثير من التحديات، ولعلّ أبرزها هو ترسيخ قواعد الحركة الوطنيّة، ولا سيّما أن الالتفاف الجماهيري، والحاضنة الشعبية التي يحظى بها التجمع بعد تفكُّك المشتركة، يحمل في طياته، تطلُّع المجتمع العربيّ إلى ضرورة إعادة بناء وتنظيم الجماهير العربية، وبناء المؤسسات ومنظّمات المجتمع المدنيّ، والأُطُر الحاضنة والفعالة في البلدات العربية، بُغية تعزيز الهوية الوطنية، وتطوير الخطاب السياسي، وحماية المجتمع من آفة العنف والجريمة، وتوفير الأمن والأمان والنهوض بالمجتمع، إلى جانب مواصلة النضال "بدون تنازلات، أو أي مساومة" على حقوق الشعب الفلسطينيّ، وهو ما عبّر عنه مواطنون في حديثهم لـ"عرب 48".

التفاف شعبيّ وتحديات

وتولي المربية لبنى أبو مخ أهمية قصوى لترسيخ التجمع الوطني والحركة الوطنية بالمشهد السياسي، وتوفير الحاضنة الشعبية للحزب، قائلة إن "تفكّك المشتركة وكواليس ما كشفت عنه محاولات اللحظات الأخيرة التي سبقت تقديم القوائم الانتخابية، حفّز الجماهير للالتفاف حول التجمع الوطني وتدعيمه ميدانيًّا في البلدات العربية".

وأوضحت أبو مخ أن باقة الغربية التي تتميز بموقعها الإستراتيجي، أضحت عنوانا للمجتمع العربي في ريادة الأعمال وفي التجارة والاقتصاد، وكذلك في العلم والمعرفة والتربية والتعليم، وعليه كان مهما أن يكون هناك مرشح مثل د. وليد قعدان، ليعزز مكانة باقة في المشهد السياسي على صعيد المجتمع العربي.

المربية لبنى أبو مخ ("عرب 48")

وذكرت أن التجمع الوطني مطالَب في ظلّ هذا الالتفاف الجماهيريّ، بإعادة ترتيب وتنظيم صفوفه أولا، واستثمار هذا الزخم والالتفاف من حوله، من أجل قيادة الجماهير ومعالجة قضاياه الحارقة، ولعل أبرزها العنف والجريمة، وذلك من خلال توسيع دائرة نشاطه وحضوره في البلدات العربية على مدار العام، مثلما كان التجمّع قبل انصهاره في المشتركة.

وأشارت أبو مخ إلى أن التجمع، وبعد ما تعرّض له من ظُلم ومحاولة إقصاء من العمل السياسي ضمن المشتركة؛ لديه مهام كبيرة، والكثير من التحديات، التي تتلخص بضرورة توفير الأطر الفاعلة على مدار العام للجمهور في البلدان العربية، ومعالجة قضاياه والتعامل معها بوضوح وشفافية، وتمكين جمهور الشباب من العمل وخدمة المجتمع، والأهم، إشراك المرأة في العمل السياسي المحلي أيضا.

("عرب 48")

وقالت إن الالتفاف الشعبي لجمهور النساء حول التجمع الوطني، يشير إلى أن هناك ضرورة لإشراك المرأة في العمل السياسي، حتى على صعيد محلي، وعدم اقتصار دورها على "تزيين" القوائم الانتخابية، قائلة: "للأسف الشديد، إنّ حضور المرأة في المجتمع يقتصر على سوق العمل، وعليه لا بدّ أن تكون المرأة شريكة فعالة بالعمل السياسي، وهذا من شأنه أن يكون رافعة لتجاوز التجمع نسبة الحسم".

سامي أبو شحادة والتجمع

وتتفق المحامية يارا علوش مع موقف وطرح المربية أبو مخ، إذ قالت: "قبل تفكُّك المشتركة، كنت أقرب إلى مقاطعة الانتخابات، لكن عقب ما حصل من شركاء الأمس بالمشتركة، الذين بات جليًّا أن هدفهم كان إقصاء التجمع وتغييبه عن العمل السياسيّ، حسمت قراري بالتصويت للتجمع وسامي أبو شحادة، الذي يعبر عن المواقف الصادقة والمبدئية للمجتمع العربي".

المحامية يارا علوش ("عرب 48")

وأوضحت المحامية علوش أن خطاب وطرح أبو شحادة الذي أقنع الجماهير العربية، أبقى على التجمع الوطني في دائرة التنافس الانتخابي للكنيست، بيد أن الأهم أن يُترجَم هذا الحضور إلى عمل ميداني بين الجماهير، ليكون التجمع عنوانا للمواطنين العرب في كل قرية ومدينة، كما عهدناه بالسابق قبل تشكيل المشتركة، وعدم اقتصار هذا الحضور على فترة الانتخابات.

وأشارت علّوش إلى أن التجمع من خلال طرح ومواقف أبو شحادة، واضح وشفاف، ويخاطب عقول الناس ويلامس قضاياهم ومطالبهم، إذ بدا راسخا بمواقفه السياسية، ومحافظا على الثوابت الوطنية، وهذا تجلّى من خلال الالتفاف الشعبي والجماهيري من حوله، فالجماهير لديها الوعي الكافي لتنتخب من يمثلها وقياداتها الصادقة التي تحترم عقلها، ولا تستخف بوعي الجمهور السياسي.

ابتزاز التجمع

الموقف ذاته، عبّرت عنه د. مي كتانة التي اعتادت في السابق التصويت للتجمع الوطني، وكانت تنتخب المشتركة لوجود التجمع ضمن أحزابها، قائلة إن "محاولة المشتركة ابتزاز التجمع وإقصائه، قبل ساعات من تقديم القوائم (الانتخابية)، أعاد التجمع إلى الواجهة، كمشروع سياسيّ بهوية وطنية وخطاب مميز اختفى خلال سنوات المشتركة، إذ أن محاولة تغييبه والتفرد به أحدث ردة عكسية، وأعاد للتجمع زخمه الجماهيري".

د. مي كتانة ("عرب 48")

ورأت كتانة أن وجود د. وليد قعدان ضمن قائمة التجمع، فرصة للحزب لتعزيز حضوره ووجوده في باقة الغربية والمنطقة، مشيرة إلى أن ذلك ينعكس بالالتفاف الشعبي والجماهيري حول التجمع المطالَب بالاستجابة إلى مطالب الجماهير في معالجة القضايا المقلقة، وأبرزها العنف والجريمة، ليكون إطارا للعمل الجماهيري، وحاضنة لمختلف شرائح وفئات المجتمع، وتحديدا الشباب والنساء.

وتعتقد كتانة أن هذه المرحلة، هي بمثابة إعادة تأسيس للتجمع وبناء الفروع والعمل والتفاعل مع الجماهير، ليكون التجمع كما كان في السابق؛ حاضنة للجماهير وناشطا ميدانيا على مدار العام في كل قرية ومدينة عربية، إذ أن الانتخابات يجب أن تشكِّل رافعة لعودة التجمع بنشاطه وعمله الميداني إلى جانب العمل البرلماني.

نحو إعادة ثقة الجماهير بالأحزاب

ومع عودة التجمع الوطني إلى واجهة العمل السياسي والمنافسة بصورة منفردة بانتخابات الكنيست، عاد وائل علي عرو، للنشاط والعمل من أجل دعم التجمع. وقال عرو: "اعتدت في السابق التصويت للتجمع والنشاط ضمن فعاليات الحزب محليا، وضمن المشتركة بالكاد كنت أصوت، حيث اتضح أن التجمع بمشروعه وخطابه ومبادئه طُمس في المشتركة، وكاد أن يختفي".

جانب من المهرجان الشعبيّ للحزب في باقة ("عرب 48")

وأوضح عرو أنه يرى أن ما حصل بتفكّك المشتركة، يصبّ في مصلحة التجمع الذي عاد بهذا الالتفاف الشعبي إلى واجهة العمل الميداني، وأضاف: "عملي لن يقتصر على التصويت بشكل شخصي للتجمع، وإنما حثّ الناس والجمهور وإقناعهم للتصويت في يوم الانتخابات للتجمع، الذي تنتظره تحديات كبيرة وهي إعادة ثقة الجماهير بالأحزاب، وكذلك العمل والنشاط ميدانيا في البلدات العربية على مدار العام، ليكون التجمع عنوانا للجمهور".

إلى جانب ذلك، يرى عرو أن التجمع بهذا الالتفاف الجماهيري والشعبي من حوله، عليه أن ينشط على مدار العام في معالجة قضايا الناس وهموهم في ملفات كثيرة عاجلة، من بينها الأرض والمسكن ومناطق النفوذ، وآفة العنف والجريمة، وتوفير الأطر لمختلف شرائح المجتمع وخاصة جمهور الشباب، وإحداث تغيير في التعامل مع الجمهور الذي تم النظر إليه واعتباره مجرّد "بنك أصوات" في فترة المشتركة.

"التعامُل بنديّة مع الإسرائيليين"

ما حصل مع التجمع الوطني وتعامُل حزبيّ الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير تجاهه، وسلوكهما حينما تمّ تقديم القوائم الانتخابية، حفّز محمد سعد أبو فول، إلى الانضمام لركب الالتفاف الشعبي حول التجمع، وفي هذا الصدد، قال أبو فول: "في السابق لم أصوّت، ولم أهتم كثيرا بالأحزاب، كون المشتركة كانت مجرد قائمة للوصول إلى الكنيست، لكن مواقف سامي أبو شحادة وطرحه المميز الذي يعبر عن مواقف الجماهير، دفعني العمل والمشاركة من أجل إنجاح التجمع".

من اليمين؛ وائل عرو ومحمد أبو فول ("عرب 48")

وأوضح أبو فول أن خطاب التجمع هو الأقرب للجماهير، ويعبر عن طموحاتهم وآمالهم، وعليه "نتوخى من التجمع ترجمة هذا الالتفاف الشعبي من حوله إلى عمل ميداني يومي بين الناس، وعدم اقتصار الحضور على الكنيست والاكتفاء بالعمل ضمن البرلمان"، مشيرا إلى أن الجماهير التي دائما كانت تحتضن الأحزاب، يحقّ لها في هذه المرحلة، أن تشعر وبصدق أن الأحزاب تحتضنها وتعالج قضاياها، وترفع صوتها ومطالبها للجهات المسؤولة.

اقرأ/ي أيضًا | كلام مختصر في معنى الحركة الوطنية في الداخل

ويتفق هشام محمد أبو سعديه مع هذا الطرح، إذ قال: "كغيري من غالبية مجتمعنا الذين يصوتون للكنيست، كنت أنتخب المشتركة، التي أثبتت مع تفككها أنها فارغة من مضمونها، ومن أي مشروع سياسي، وأن وجودها يأتي ضمن مشروع مقاعد، وهذا ما كشفه النائب سامي أبو شحادة الذي يطرح مشروعا سياسيا بعيدا عن الأسرلة ويؤمن بمبادئ وطنية، بعيدا عن المساومة على حقوق مجتمعنا وشعبنا، ويتعامل بنديّة مع الإسرائيليين".

هشام أبو سعدية ("عرب 48")

وأوضح أبو سعديه أن ما حصل للنائب أبو شحادة ومحاولة إبعاده عن العمل السياسي من قبل الحزبين اللذين بقيا في المشتركة، بعد تنصّلهما من اتفاق سياسي موقّع مسبقا مع التجمّع، ومحاولة إجباره على تقديم تنازلات ببرنامجه السياسي في موضوع التوصية على أحد المرشحين لرئاسة الحكومة، كان حافزا لدى الجماهير للالتفاف حول أبو شحادة والتجمع الذي سيكون مفاجأة انتخابات الكنيست.

("عرب 48")
("عرب 48")

التعليقات